منقوووووول
المشهد الأول:
نهار خارجي – صحراء سيناء
تمام الثانية ظهرًا في أحد أيام رمضان.. العيون زائغة.. والقلوب تكاد تنخلع؛ فالموقف صعب.. إما رفع الرأس عاليا واسترداد الكرامة، وإما انهيار تام لما يطلق عليه اسم "الأمة العربية".
إنه 6 أكتوبر 1973م حيث انتصر الجيش "المصري" بإرادة "عربية" وتنسيق غير مسبوق.. الدول النفطية تقطع البترول وتمول الحرب.. والجيش السوري يوقع مع الطرف المصري الاتفاقية العسكرية (جرانيت1)، فيعبر الجندي المصري قناة السويس بتخطيط "الثعلب" المسمى السادات لتكون النتيجة المبهرة والدرس الذي لا ينساه الجيش الذي لا يقهر(!!).
المشهد الثاني:
نهار خارجي - ساحة العرض العسكري بالقاهرة
الثانية عشرة وأربعون دقيقة ظهرا الاحتفال بالذكرى الثامنة للعبور العظيم.. تشكيل من طائرات الفانتوم يقوم ببعض الألعاب الجوية، والمذيع يصيح: "والآن تجيء المدفعية".
طابور من جرارات المدافع يتقدم، فجأة ترتج إحدى القاطرات وبدا أنها تنحرف قليلا تجاه المنصة الرئيسية.. قنبلتان تطيران في الهواء.. الذعر يجتاح الجميع.. يسمع دوي انفجار ثم طلقات متوالية.. المفاجأة تجعل حرس الرئيس يقفون مكتوفي الأيدي، ولم يقوموا بالرد إلا بعد 40 ثانية يتمكن خلالها "حسين عباس محمد" من حنجرة "السادات"؛ حيث استقرت أول طلقة أصابته.. ويهرب فلا يقبض عليه إلا بعد يومين.
المشهد الثالث:
ليل داخلي - قاعة مجلس الشعب المصري
مساء 9 نوفمبر 1977 يفتتح السادات الدورة البرلمانية الجديدة، ويفجر قنبلته المدوية: "إنني مستعد للذهاب إلى أقصى الأرض حتى إلى الكنيست نفسه، كي أتحدث مع الإسرائيليين في عقر دارهم(!!) عن رغبتنا في السلام"، ووسط موجة التصفيق الحادة كان هناك من ينكمش في كرسيه فزعا مما قيل.. إنه ياسر عرفات الذي كان حاضرا بناءً على دعوة من السادات نفسه.
المشهد الرابع:
ليل خارجي - مطار بن جوريون
السابعة والنصف مساء السبت 19 نوفمبر 1977م تهبط طائرة السادات، ويصافح "مناحم بيجين" وصوت المذيع الأمريكي "فالتر كونكايت" يدوي: "لقد وصل الإنسان إلى القمر وها هو السادات يصل للقدس".. يلقي السادات خطبته في الكنيست (استمع إلى جزء منها) ويصلى العيد في الأقصى، ليفتح الباب أمام التفاوض مع إسرائيل، في نفس الوقت الذي فتح فيه الباب لعاصفة جماهيرية لا تهدأ ضده شخصيا، ولا يغفر المعارضون للسادات أنه استرد كامل أرض مصر؛ معللين ذلك بأنه أحدث شقا للصف العربي، حيث قاطعت الدول العربية كلها مصر، والأصعب من ذلك أن التسوية السلمية قد شرخت النفسية العربية التي كانت ترفض إسرائيل جملة وتفصيلا، وفتح الباب للتطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني.
مشاهد منفصلة متصلة تطرح تساؤلات ملغزة، هل نال السادات جزاء سنمار بعد أن حقق النصر الحاسم الوحيد لأمتنا على العدو الصهيوني؟ هل قوبل بالجحود من شعبه؛ لأنه أعطى الحرية لمن لا يقدرونها – حسب قول البعض؟
هل قتلته الدعاية الصهيونية الأمريكية التي وصلت لدرجة أن يقف أحد أعضاء الكونجرس الأمريكي يقول: "يوم أن خلق الله أنور السادات تفرغ له؛ لأنه لم يكن من الممكن أن يخلق أحدًا بجانبه"(!!)
وأسبغوا عليه صفات مثل: "أشيك رجل في العالم"، "السياسي الأول في العالم" رغم أنهم كانوا من قبل ينعتونه في يديعوت أحرونوت بـ "الحمار الأسود".
أم قتله غروره واعتداده بنفسه حتى اقترح أن يقوم بجولة في مصر مع وزرائه مرتدين الزي الفرعوني؟
لكن هذه المشاهد ليست إلا النهايات.. فماذا عن البدايات؟
أنور الطفل
كان أبوه محمد الساداتي أحد القلائل الذين تعلموا بقرية ميت أبو الكوم محافظة المنوفية (شمال مصر) عمل بوحدة من الجيش الإنجليزي، وتزوج ثلاث زيجات، وأنجب 13 ولدا وبنتا، أوسط الزوجات "ست البرين" التي أنجبت "محمد أنور". وكانت "ست البرين" تأتي للقرية لتضع حملها ثم تعود لزوجها في السودان حيث يعمل.. فنشأ "أنور" في رعاية جدته حتى عام 1924 إلى أن التأمت الأسرة الكبيرة في القاهرة.
حصل السادات على الثانوية عام 1936 وهو عام توقيع المعاهدة الشهيرة مع الإنجليز التي أسهمت في قبول أبناء البسطاء بالكلية الحربية.. حصل أنور على بطاقة توصية من "د.فيتز باتريك" كبير أطباء الجيش البريطاني، بعد تسعة أشهر، ونظرا لحالة الجيش الماسة للضباط تخرج الملازم ثان "محمد أنور السادات".. بعد أن حذف الحرف الأخير من لقبه، وبعد تخرجه عُين في معسكر "منقباد" حيث التقى لأول مرة بعبد الناصر، ثم نقل إلى سلاح الإشارة بالمعادي، وهنا رأى أبوه ضرورة تزويجه؛ فزوجه من ابنة عمدة بلدتهم "إقبال ماضي" التي أنجبت له ثلاث بنات: "راقية - راوية - كاميليا".
عمل وطني أم عمالة أجنبية؟
بينما الألمان يتقدمون في الصحراء الغربية بقيادة المارشال "روميل" كان هناك فصيل من العسكريين المصريين يرون انتصار الألمان على الإنجليز وشيكا، ولهذا فتحت قنوات اتصال مع الألمان، وفوجئ أنور السادات بالضابط "حسن عزت" يعرض عليه الانضمام لمجموعة سرية تضم بعض ضباط الطيران على علاقة بالألمان، لغاية وطنية مبررها: "عدو عدوي صديقي".. وافق السادات وكلف بتسهيل مهمة اثنين من الجواسيس الألمان وهما "هانز أبلر"، "ساندى"، لكن بائعة هوى يهودية كانت على علاقة بـ "أبلر" أبلغت عنه السلطات وسرعان ما تكشفت علاقة السادات بهم، فحوكم في أكتوبر 1942 وطرد من الجيش وسجن، إلى أن تمكن من الهرب والاختفاء، وعمل أثناء هربه في عدة مهن مختلفة، منها حمَّال وسائق، وكان يتخذ لنفسه في كل بلدة ينزلها صفة وشكلا مختلفًا، وربما ساعده على النجاح هوايته القديمة للتمثيل، فقد بلغ به الأمر أن أرسل للفنانة "عزيزة أمير" رسالة يقول فيها: "قوامي نحيل، وجسمي ممشوق وتقاطيعي متناسقة.. إنني لست أبيض اللون ولكني أيضا لست أسود، إن وجهي أسمر ولكنها سمرة مشربة بحمرة…" (مجلة الفصول 1 مايو 1935)، وظل معروفا في مجالسه الخاصة بهذه الطرفة، وكثيرا ما كان يطلب منه أصدقاؤه أن يقلد لهم صوت قادة الجيش، ومشاهير الممثلين.
السادات ممثلا وصحفيا وأديبا
ظل اسم أنور السادات بعيدا عن الأضواء حتى عاد للظهور مرة أخرى عام 1946 عندما اتهم في قضية اغتيال "أمين عثمان" وزير المالية في حكومة الوفد، فقفز اسمه إلى الصحف، وعلى إثرها قبض عليه ليقضي في سجن القلعة سنتين ونصف سنة، منها عام ونصف وحيدا في الزنزانة "54"، ثم حكم ببرائته 1948، وأثناء فترة حبسه هذه بدأ يمارس الكتابة الأدبية، خاصة الساخرة منها.
وقد عرف بخفة ظله وافتخر بها، حيث ذكر في كتابه "30 شهرا في السجن" أنه أصدر مع بعض رفاق السجن صحيفة "الهنكرة والمنكرة"، بل وقام مع بعض المساجين بعمل إذاعة داخل السجن، وقدم بنفسه فقرتين، وكان يكتب في لوحة إعلانات السجن برنامج اليوم، ومنه:
الساعة 6.00 حديث للأطفال للمربي الفاضل بابا أنور
الساعة 11.00 أغنية حديثة "للمجعراتي المتسول" أنور السادات
ومن أغانيه التي أوردها في كتابه ص 57:
"أنا جيت لكم والله يا ولاد *** أنا أحبكم قوي قوي يا أولاد
أنا جيـت لكـم أنا جيت *** والاتهامـات آخـر لخابيط"
لم يجد السادات حرجا أن يكتب هذا الكلام في مذكراته وكتبه، ومنها: " قصة الثورة كاملة"، و"صفحات مجهولة من الثورة"، و"يا ولدي هذا عمك جمال"، و"البحث عن الذات"... إلخ
وبعد خروجه من السجن بفترة عمل صحفيا محترفا في صحف دار الهلال والمصور ونشر مذكراته في السجن بها، كما نشر بعض القصص القصيرة، واستمر يعمل بتلك الدار بينما يحاول باستماتة شديدة العودة للجيش ثانية.
استعان بصديقه "يوسف رشاد" طبيب الملك الخاص، فأشار عليه - طبقا لرواية محمد حسنين هيكل في خريف الغضب - أن يلقي بنفسه على يد الملك ليقبلها أثناء صلاة الجمعة في مسجد الحسين، وفعل السادات وطلب الصفح فأجاب الملك بهزة من رأسه، وفي اليوم التالي كان السادات في مكتب محمد حيدر باشا "وزير الحربية" الذي وبخه ثم أصدر قراره بإعادته إلى الجيش، وهنا بدأت الحياة تستقيم للسادات ثانيا.
يا جيهان.. أنت ملكة مصر!!
وفي أواخر 1948 وبينما السادات مع "حسن عزت" الذي عمل معه لفترة في شركة مقاولات، رأى السادات فتاة في السادسة عشرة من عمرها جميلة ومليئة بالحيوية هي "جيهان صفوت رؤوف"، وهي ابنة لموظف بوزارة الصحة لأم مالطية -أو إنجليزية- اسمها "جلاديس"، وكانت الفتاة الصغيرة قد رأت صورة "أنور" من قبل في الصحف، فراعها أن تراه وجها لوجه، فوقعت في حبه منذ اللحظة الأولى كما وقع هو.. وتقدم بالفعل لخطبتها.. لكنها رفضت لأنه متزوج وله أبناء، وأبدى أنور استعداده لتطليق زوجته الأولى وتم الزواج بالفعل.
تسلم عمله في رفح في الفرقة الأولى مشاة، وانتقلت معه زوجته الصغيرة التي كانت دائمة الترديد لنبوءة عاشتها، فقد حكت في كتابها "سيدة من مصر" أنها ذات يوم كانت تتناول العشاء مع زوجها في مطعم على شاطئ النيل بالجيزة اشتهر باسم "كازينو الحمام"، وبينما هما جالسان جاءت قارئة كف عجوز وعرضت أن تقرأ كف كل منهما.. وأخذت يد جيهان لتقول لها: "ستكونين ملكة مصر"، فانخرطا في موجة من الضحك، فكيف يكون هذا ومصر تحت حكم أسرة محمد علي؟
السادات وعبد الناصر.. والضباط الأحرار
في عام 1951 أعلن جمال عبد الناصر رغبته في ضم أنور السادات لتنظيم الضباط الأحرار، لكن طلبه قوبل بموجة عارمة من الرفض؛ فكل أعضاء اللجنة التأسيسية للتنظيم كانوا يرون للسادات علاقات بالقصر وبالحرس الحديدي، ولكن عبد الناصر أكد أنه بتواجده ضمن الحرس الحديدي يمكنه أن يفيد الحركة، كما أن السادات كضابط إشارة سيقوم بدور مهم في السيطرة على اتصالات الجيش عند قيام الحركة التي كان يعد لها وقتئذ.
وبهذا أصبح السادات عضوا في تنظيم الضباط الأحرار قبل قيام الثورة بعام واحد، وهو ما أجمعت عليه مختلف الكتابات والشهادات لأعضاء هذا التنظيم.. لكن الرواية الوحيدة التي خالفت كل ذلك هي رواية السادات نفسه.
وعلى الرغم من ذلك فقد كان عبد الناصر يثق فيه جدا حتى أخبره بموعد القيام بالحركة، على غير رغبة الأعضاء، فما كان من "السادات" إلا أن قضى ليلته في السينما مع زوجته ولم يرجع إلى بيته إلا بعد الواحدة ليلا ليجد خطابا من عبد الناصر يستفسر فيه عن تغيبه.. فأسرع نحو قيادة الجيش بالعباسية، حيث كان كل شيء قد تم وسيطر الضباط الأحرار على مقاليد الأمور.
السادات رجل الظل
في السابعة والنصف من صباح يوم 23 يوليو 1952 كان البكباشي محمد أنور السادات يلقي الخطاب الأول للثورة عقب احتلال مبنى الإذاعة المصرية. ورغم ذلك فإنه عقب استقرار الأمر في أيدي الضباط آثر "السادات" أن يبقى في الظل، وهذا ما يفسره مناصروه بأنه عزوف عن المناصب، وعدم الرغبة في المشاركة في الثورة لرفضه سلبياتها، خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان، ويراه معارضوه استعدادا للانقضاض ولعبا من تحت المائدة، أو ضعفا في الشخصية؛ فلم تزد المناصب التي تقلدها عن الإشراف على إصدار جريدة "الجمهورية" لسان حال الثورة، ثم بعد إنشاء المؤتمر الإسلامي صار "السادات" أمينه العام، ثم جاءت الوحدة بين مصر وسوريا 1958 فأصبح السادات رئيسا لمجلس الأمة المشترك حتى تم الانفصال عام 1961.
وتحققت نبوءة العرافة العجوز
ربما للشخصية القوية التي تميز بها عبد الناصر لم يعد حوله كثيرون من أعضاء مجلس قيادة الثورة، خاصة بعد انتحار صديقه الوفي "عامر" عقب هزيمة يوليو؛ فالجميع إما آثر العزلة خوفا من معارضة الزعيم، وإما همِّش وأبعد.. وأصبح بيت السادات في الجيزة هو المكان الذي يقضي فيه عبد الناصر بضع ساعات مع صديق لا يضغط على أعصابه، كما أنه يعرف كيف يروضه.
وحسب كلام السادات نفسه في "البحث عن الذات" ص 290 يقول: "كانت السياسة عند عبد الناصر تخضع لانفعالاته، وقد أدرك هذا أولئك الذين يحيطون به، ولذلك كانوا يستطيعون تطويعه كما يريدون إذا أحضروا إليه في الوقت المناسب المعلومات المناسبة…".
قام عبد الناصر بتعيين السادات نائبا لرئيس الجمهورية في ديسمبر 1969 وسط دهشة الجميع، وبعد مضي تسعة أشهر، وفي 28 سبتمبر 1970 رحل جمال عبد الناصر، وأصبح الطريق الآن خاليا أمام السادات ليحكم مصر وتتحقق نبوءة العرافة العجوز.
وأعلن السادات رسميا كرئيس لمصر في 15 أكتوبر 1970م، وكانت أمامه عقبة كبيرة تجعله متململا فوق كرسي الحكم.. وتتمثل في رجال عبد الناصر القدامى الذين تشبعوا بفكره وبخطه السياسي، ولم يقتنعوا بتولي السادات مقاليد الأمور.. فقام في مايو 1971 بتصفية أنصار عبد الناصر من الحرس القديم في إطار ما عرف بـ "ثورة التصحيح".
السياسي الداهية ينتصر على العدو
إن كارهي السادات يقولون: إن حرب أكتوبر هي نتاج خالص لتخطيط عبد الناصر قبل موته، وإن السادات ما فعل إلا أن قطف الثمرة، لكن الحقيقة التاريخية تجعل هذا الكلام مجرد ادعاء؛ فدور السادات وتخطيطه المحكم ورغبته الأكيدة في تحقيق النصر وإصلاح الجيش الذي تحول فيما قبل لمرتع للفساد الأخلاقي والعسكري… كل ذلك بلا شك من ثمار سياسة السادات التي فرغت الجيش لدوره الأساسي في الدفاع عن الوطن، والبعد عن السياسة الداخلية، إلا أن هذا هو الحال دوما بين معارضي السادات ومؤيديه. ولا شك أن ذكاء الرجل السياسي هو الذي أدى إلى اعتراف الإسرائيليين كيف خدعهم السادات.
وبالمثل في قضية الحرية، فإن السادات بلا شك قد فتح للحريات بابا - مهما اختلفنا في مساحته - فسمح بالتعددية وتحدث الناس فيما كانوا يخشون التفكير فيه من قبل.
من قتل السادات؟
ربما يكون خالد الإسلامبولى وعبود الزمر هما اللذان اقتحما ساحة العرض وأطلقا الرصاص، لكن هل هما اللذان قتلا هذا الرجل الملغز حقا؟
هل قتل هو نفسه عندما اختزل كل شيء في شخصه، وأصبح يقول: "جيشي وشعبي"؟
هل أصابه الانتصار العظيم في أكتوبر لدرجة أن يصبح كل معارض له "خائن لا بد من فرمه" – على حد قوله؟
هل قتل السادات نفسه عندما أبرم اتفاقية السلام مع العدو الصهيوني؛ متناسيا طبيعة مصر ودورها وسط العالم العربي والإسلامي؟
هل قتل السادات نفسه عندما لم يحتمل المعارضة وزجّ بها في اعتقالات سبتمبر 1981؟
هل قتل نفسه عندما ترك الزمام للفساد الاقتصادي ينخر في جذور مصر؟
هل قتل نفسه حين صدق الدعاية الصهيونية الكاذبة؟
هل قتل نفسه حين خانته ثقته بذاته؟
ورغم كل هذه التساؤلات وعلامات الاستفهام الكبرى ستظل الحقيقة الوحيدة الباقية أن محمد أنور السادات من أكثر الشخصيات مدعاة للإعجاب وللدهشة وللحيرة وللتساؤل أيضا.. كما أن ذكاءه الخارق كان وسيظل محل تقدير للجميع.
المشهد الأول:
نهار خارجي – صحراء سيناء
تمام الثانية ظهرًا في أحد أيام رمضان.. العيون زائغة.. والقلوب تكاد تنخلع؛ فالموقف صعب.. إما رفع الرأس عاليا واسترداد الكرامة، وإما انهيار تام لما يطلق عليه اسم "الأمة العربية".
إنه 6 أكتوبر 1973م حيث انتصر الجيش "المصري" بإرادة "عربية" وتنسيق غير مسبوق.. الدول النفطية تقطع البترول وتمول الحرب.. والجيش السوري يوقع مع الطرف المصري الاتفاقية العسكرية (جرانيت1)، فيعبر الجندي المصري قناة السويس بتخطيط "الثعلب" المسمى السادات لتكون النتيجة المبهرة والدرس الذي لا ينساه الجيش الذي لا يقهر(!!).
المشهد الثاني:
نهار خارجي - ساحة العرض العسكري بالقاهرة
الثانية عشرة وأربعون دقيقة ظهرا الاحتفال بالذكرى الثامنة للعبور العظيم.. تشكيل من طائرات الفانتوم يقوم ببعض الألعاب الجوية، والمذيع يصيح: "والآن تجيء المدفعية".
طابور من جرارات المدافع يتقدم، فجأة ترتج إحدى القاطرات وبدا أنها تنحرف قليلا تجاه المنصة الرئيسية.. قنبلتان تطيران في الهواء.. الذعر يجتاح الجميع.. يسمع دوي انفجار ثم طلقات متوالية.. المفاجأة تجعل حرس الرئيس يقفون مكتوفي الأيدي، ولم يقوموا بالرد إلا بعد 40 ثانية يتمكن خلالها "حسين عباس محمد" من حنجرة "السادات"؛ حيث استقرت أول طلقة أصابته.. ويهرب فلا يقبض عليه إلا بعد يومين.
المشهد الثالث:
ليل داخلي - قاعة مجلس الشعب المصري
مساء 9 نوفمبر 1977 يفتتح السادات الدورة البرلمانية الجديدة، ويفجر قنبلته المدوية: "إنني مستعد للذهاب إلى أقصى الأرض حتى إلى الكنيست نفسه، كي أتحدث مع الإسرائيليين في عقر دارهم(!!) عن رغبتنا في السلام"، ووسط موجة التصفيق الحادة كان هناك من ينكمش في كرسيه فزعا مما قيل.. إنه ياسر عرفات الذي كان حاضرا بناءً على دعوة من السادات نفسه.
المشهد الرابع:
ليل خارجي - مطار بن جوريون
السابعة والنصف مساء السبت 19 نوفمبر 1977م تهبط طائرة السادات، ويصافح "مناحم بيجين" وصوت المذيع الأمريكي "فالتر كونكايت" يدوي: "لقد وصل الإنسان إلى القمر وها هو السادات يصل للقدس".. يلقي السادات خطبته في الكنيست (استمع إلى جزء منها) ويصلى العيد في الأقصى، ليفتح الباب أمام التفاوض مع إسرائيل، في نفس الوقت الذي فتح فيه الباب لعاصفة جماهيرية لا تهدأ ضده شخصيا، ولا يغفر المعارضون للسادات أنه استرد كامل أرض مصر؛ معللين ذلك بأنه أحدث شقا للصف العربي، حيث قاطعت الدول العربية كلها مصر، والأصعب من ذلك أن التسوية السلمية قد شرخت النفسية العربية التي كانت ترفض إسرائيل جملة وتفصيلا، وفتح الباب للتطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني.
مشاهد منفصلة متصلة تطرح تساؤلات ملغزة، هل نال السادات جزاء سنمار بعد أن حقق النصر الحاسم الوحيد لأمتنا على العدو الصهيوني؟ هل قوبل بالجحود من شعبه؛ لأنه أعطى الحرية لمن لا يقدرونها – حسب قول البعض؟
هل قتلته الدعاية الصهيونية الأمريكية التي وصلت لدرجة أن يقف أحد أعضاء الكونجرس الأمريكي يقول: "يوم أن خلق الله أنور السادات تفرغ له؛ لأنه لم يكن من الممكن أن يخلق أحدًا بجانبه"(!!)
وأسبغوا عليه صفات مثل: "أشيك رجل في العالم"، "السياسي الأول في العالم" رغم أنهم كانوا من قبل ينعتونه في يديعوت أحرونوت بـ "الحمار الأسود".
أم قتله غروره واعتداده بنفسه حتى اقترح أن يقوم بجولة في مصر مع وزرائه مرتدين الزي الفرعوني؟
لكن هذه المشاهد ليست إلا النهايات.. فماذا عن البدايات؟
أنور الطفل
كان أبوه محمد الساداتي أحد القلائل الذين تعلموا بقرية ميت أبو الكوم محافظة المنوفية (شمال مصر) عمل بوحدة من الجيش الإنجليزي، وتزوج ثلاث زيجات، وأنجب 13 ولدا وبنتا، أوسط الزوجات "ست البرين" التي أنجبت "محمد أنور". وكانت "ست البرين" تأتي للقرية لتضع حملها ثم تعود لزوجها في السودان حيث يعمل.. فنشأ "أنور" في رعاية جدته حتى عام 1924 إلى أن التأمت الأسرة الكبيرة في القاهرة.
حصل السادات على الثانوية عام 1936 وهو عام توقيع المعاهدة الشهيرة مع الإنجليز التي أسهمت في قبول أبناء البسطاء بالكلية الحربية.. حصل أنور على بطاقة توصية من "د.فيتز باتريك" كبير أطباء الجيش البريطاني، بعد تسعة أشهر، ونظرا لحالة الجيش الماسة للضباط تخرج الملازم ثان "محمد أنور السادات".. بعد أن حذف الحرف الأخير من لقبه، وبعد تخرجه عُين في معسكر "منقباد" حيث التقى لأول مرة بعبد الناصر، ثم نقل إلى سلاح الإشارة بالمعادي، وهنا رأى أبوه ضرورة تزويجه؛ فزوجه من ابنة عمدة بلدتهم "إقبال ماضي" التي أنجبت له ثلاث بنات: "راقية - راوية - كاميليا".
عمل وطني أم عمالة أجنبية؟
بينما الألمان يتقدمون في الصحراء الغربية بقيادة المارشال "روميل" كان هناك فصيل من العسكريين المصريين يرون انتصار الألمان على الإنجليز وشيكا، ولهذا فتحت قنوات اتصال مع الألمان، وفوجئ أنور السادات بالضابط "حسن عزت" يعرض عليه الانضمام لمجموعة سرية تضم بعض ضباط الطيران على علاقة بالألمان، لغاية وطنية مبررها: "عدو عدوي صديقي".. وافق السادات وكلف بتسهيل مهمة اثنين من الجواسيس الألمان وهما "هانز أبلر"، "ساندى"، لكن بائعة هوى يهودية كانت على علاقة بـ "أبلر" أبلغت عنه السلطات وسرعان ما تكشفت علاقة السادات بهم، فحوكم في أكتوبر 1942 وطرد من الجيش وسجن، إلى أن تمكن من الهرب والاختفاء، وعمل أثناء هربه في عدة مهن مختلفة، منها حمَّال وسائق، وكان يتخذ لنفسه في كل بلدة ينزلها صفة وشكلا مختلفًا، وربما ساعده على النجاح هوايته القديمة للتمثيل، فقد بلغ به الأمر أن أرسل للفنانة "عزيزة أمير" رسالة يقول فيها: "قوامي نحيل، وجسمي ممشوق وتقاطيعي متناسقة.. إنني لست أبيض اللون ولكني أيضا لست أسود، إن وجهي أسمر ولكنها سمرة مشربة بحمرة…" (مجلة الفصول 1 مايو 1935)، وظل معروفا في مجالسه الخاصة بهذه الطرفة، وكثيرا ما كان يطلب منه أصدقاؤه أن يقلد لهم صوت قادة الجيش، ومشاهير الممثلين.
السادات ممثلا وصحفيا وأديبا
ظل اسم أنور السادات بعيدا عن الأضواء حتى عاد للظهور مرة أخرى عام 1946 عندما اتهم في قضية اغتيال "أمين عثمان" وزير المالية في حكومة الوفد، فقفز اسمه إلى الصحف، وعلى إثرها قبض عليه ليقضي في سجن القلعة سنتين ونصف سنة، منها عام ونصف وحيدا في الزنزانة "54"، ثم حكم ببرائته 1948، وأثناء فترة حبسه هذه بدأ يمارس الكتابة الأدبية، خاصة الساخرة منها.
وقد عرف بخفة ظله وافتخر بها، حيث ذكر في كتابه "30 شهرا في السجن" أنه أصدر مع بعض رفاق السجن صحيفة "الهنكرة والمنكرة"، بل وقام مع بعض المساجين بعمل إذاعة داخل السجن، وقدم بنفسه فقرتين، وكان يكتب في لوحة إعلانات السجن برنامج اليوم، ومنه:
الساعة 6.00 حديث للأطفال للمربي الفاضل بابا أنور
الساعة 11.00 أغنية حديثة "للمجعراتي المتسول" أنور السادات
ومن أغانيه التي أوردها في كتابه ص 57:
"أنا جيت لكم والله يا ولاد *** أنا أحبكم قوي قوي يا أولاد
أنا جيـت لكـم أنا جيت *** والاتهامـات آخـر لخابيط"
لم يجد السادات حرجا أن يكتب هذا الكلام في مذكراته وكتبه، ومنها: " قصة الثورة كاملة"، و"صفحات مجهولة من الثورة"، و"يا ولدي هذا عمك جمال"، و"البحث عن الذات"... إلخ
وبعد خروجه من السجن بفترة عمل صحفيا محترفا في صحف دار الهلال والمصور ونشر مذكراته في السجن بها، كما نشر بعض القصص القصيرة، واستمر يعمل بتلك الدار بينما يحاول باستماتة شديدة العودة للجيش ثانية.
استعان بصديقه "يوسف رشاد" طبيب الملك الخاص، فأشار عليه - طبقا لرواية محمد حسنين هيكل في خريف الغضب - أن يلقي بنفسه على يد الملك ليقبلها أثناء صلاة الجمعة في مسجد الحسين، وفعل السادات وطلب الصفح فأجاب الملك بهزة من رأسه، وفي اليوم التالي كان السادات في مكتب محمد حيدر باشا "وزير الحربية" الذي وبخه ثم أصدر قراره بإعادته إلى الجيش، وهنا بدأت الحياة تستقيم للسادات ثانيا.
يا جيهان.. أنت ملكة مصر!!
وفي أواخر 1948 وبينما السادات مع "حسن عزت" الذي عمل معه لفترة في شركة مقاولات، رأى السادات فتاة في السادسة عشرة من عمرها جميلة ومليئة بالحيوية هي "جيهان صفوت رؤوف"، وهي ابنة لموظف بوزارة الصحة لأم مالطية -أو إنجليزية- اسمها "جلاديس"، وكانت الفتاة الصغيرة قد رأت صورة "أنور" من قبل في الصحف، فراعها أن تراه وجها لوجه، فوقعت في حبه منذ اللحظة الأولى كما وقع هو.. وتقدم بالفعل لخطبتها.. لكنها رفضت لأنه متزوج وله أبناء، وأبدى أنور استعداده لتطليق زوجته الأولى وتم الزواج بالفعل.
تسلم عمله في رفح في الفرقة الأولى مشاة، وانتقلت معه زوجته الصغيرة التي كانت دائمة الترديد لنبوءة عاشتها، فقد حكت في كتابها "سيدة من مصر" أنها ذات يوم كانت تتناول العشاء مع زوجها في مطعم على شاطئ النيل بالجيزة اشتهر باسم "كازينو الحمام"، وبينما هما جالسان جاءت قارئة كف عجوز وعرضت أن تقرأ كف كل منهما.. وأخذت يد جيهان لتقول لها: "ستكونين ملكة مصر"، فانخرطا في موجة من الضحك، فكيف يكون هذا ومصر تحت حكم أسرة محمد علي؟
السادات وعبد الناصر.. والضباط الأحرار
في عام 1951 أعلن جمال عبد الناصر رغبته في ضم أنور السادات لتنظيم الضباط الأحرار، لكن طلبه قوبل بموجة عارمة من الرفض؛ فكل أعضاء اللجنة التأسيسية للتنظيم كانوا يرون للسادات علاقات بالقصر وبالحرس الحديدي، ولكن عبد الناصر أكد أنه بتواجده ضمن الحرس الحديدي يمكنه أن يفيد الحركة، كما أن السادات كضابط إشارة سيقوم بدور مهم في السيطرة على اتصالات الجيش عند قيام الحركة التي كان يعد لها وقتئذ.
وبهذا أصبح السادات عضوا في تنظيم الضباط الأحرار قبل قيام الثورة بعام واحد، وهو ما أجمعت عليه مختلف الكتابات والشهادات لأعضاء هذا التنظيم.. لكن الرواية الوحيدة التي خالفت كل ذلك هي رواية السادات نفسه.
وعلى الرغم من ذلك فقد كان عبد الناصر يثق فيه جدا حتى أخبره بموعد القيام بالحركة، على غير رغبة الأعضاء، فما كان من "السادات" إلا أن قضى ليلته في السينما مع زوجته ولم يرجع إلى بيته إلا بعد الواحدة ليلا ليجد خطابا من عبد الناصر يستفسر فيه عن تغيبه.. فأسرع نحو قيادة الجيش بالعباسية، حيث كان كل شيء قد تم وسيطر الضباط الأحرار على مقاليد الأمور.
السادات رجل الظل
في السابعة والنصف من صباح يوم 23 يوليو 1952 كان البكباشي محمد أنور السادات يلقي الخطاب الأول للثورة عقب احتلال مبنى الإذاعة المصرية. ورغم ذلك فإنه عقب استقرار الأمر في أيدي الضباط آثر "السادات" أن يبقى في الظل، وهذا ما يفسره مناصروه بأنه عزوف عن المناصب، وعدم الرغبة في المشاركة في الثورة لرفضه سلبياتها، خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان، ويراه معارضوه استعدادا للانقضاض ولعبا من تحت المائدة، أو ضعفا في الشخصية؛ فلم تزد المناصب التي تقلدها عن الإشراف على إصدار جريدة "الجمهورية" لسان حال الثورة، ثم بعد إنشاء المؤتمر الإسلامي صار "السادات" أمينه العام، ثم جاءت الوحدة بين مصر وسوريا 1958 فأصبح السادات رئيسا لمجلس الأمة المشترك حتى تم الانفصال عام 1961.
وتحققت نبوءة العرافة العجوز
ربما للشخصية القوية التي تميز بها عبد الناصر لم يعد حوله كثيرون من أعضاء مجلس قيادة الثورة، خاصة بعد انتحار صديقه الوفي "عامر" عقب هزيمة يوليو؛ فالجميع إما آثر العزلة خوفا من معارضة الزعيم، وإما همِّش وأبعد.. وأصبح بيت السادات في الجيزة هو المكان الذي يقضي فيه عبد الناصر بضع ساعات مع صديق لا يضغط على أعصابه، كما أنه يعرف كيف يروضه.
وحسب كلام السادات نفسه في "البحث عن الذات" ص 290 يقول: "كانت السياسة عند عبد الناصر تخضع لانفعالاته، وقد أدرك هذا أولئك الذين يحيطون به، ولذلك كانوا يستطيعون تطويعه كما يريدون إذا أحضروا إليه في الوقت المناسب المعلومات المناسبة…".
قام عبد الناصر بتعيين السادات نائبا لرئيس الجمهورية في ديسمبر 1969 وسط دهشة الجميع، وبعد مضي تسعة أشهر، وفي 28 سبتمبر 1970 رحل جمال عبد الناصر، وأصبح الطريق الآن خاليا أمام السادات ليحكم مصر وتتحقق نبوءة العرافة العجوز.
وأعلن السادات رسميا كرئيس لمصر في 15 أكتوبر 1970م، وكانت أمامه عقبة كبيرة تجعله متململا فوق كرسي الحكم.. وتتمثل في رجال عبد الناصر القدامى الذين تشبعوا بفكره وبخطه السياسي، ولم يقتنعوا بتولي السادات مقاليد الأمور.. فقام في مايو 1971 بتصفية أنصار عبد الناصر من الحرس القديم في إطار ما عرف بـ "ثورة التصحيح".
السياسي الداهية ينتصر على العدو
إن كارهي السادات يقولون: إن حرب أكتوبر هي نتاج خالص لتخطيط عبد الناصر قبل موته، وإن السادات ما فعل إلا أن قطف الثمرة، لكن الحقيقة التاريخية تجعل هذا الكلام مجرد ادعاء؛ فدور السادات وتخطيطه المحكم ورغبته الأكيدة في تحقيق النصر وإصلاح الجيش الذي تحول فيما قبل لمرتع للفساد الأخلاقي والعسكري… كل ذلك بلا شك من ثمار سياسة السادات التي فرغت الجيش لدوره الأساسي في الدفاع عن الوطن، والبعد عن السياسة الداخلية، إلا أن هذا هو الحال دوما بين معارضي السادات ومؤيديه. ولا شك أن ذكاء الرجل السياسي هو الذي أدى إلى اعتراف الإسرائيليين كيف خدعهم السادات.
وبالمثل في قضية الحرية، فإن السادات بلا شك قد فتح للحريات بابا - مهما اختلفنا في مساحته - فسمح بالتعددية وتحدث الناس فيما كانوا يخشون التفكير فيه من قبل.
من قتل السادات؟
ربما يكون خالد الإسلامبولى وعبود الزمر هما اللذان اقتحما ساحة العرض وأطلقا الرصاص، لكن هل هما اللذان قتلا هذا الرجل الملغز حقا؟
هل قتل هو نفسه عندما اختزل كل شيء في شخصه، وأصبح يقول: "جيشي وشعبي"؟
هل أصابه الانتصار العظيم في أكتوبر لدرجة أن يصبح كل معارض له "خائن لا بد من فرمه" – على حد قوله؟
هل قتل السادات نفسه عندما أبرم اتفاقية السلام مع العدو الصهيوني؛ متناسيا طبيعة مصر ودورها وسط العالم العربي والإسلامي؟
هل قتل السادات نفسه عندما لم يحتمل المعارضة وزجّ بها في اعتقالات سبتمبر 1981؟
هل قتل نفسه عندما ترك الزمام للفساد الاقتصادي ينخر في جذور مصر؟
هل قتل نفسه حين صدق الدعاية الصهيونية الكاذبة؟
هل قتل نفسه حين خانته ثقته بذاته؟
ورغم كل هذه التساؤلات وعلامات الاستفهام الكبرى ستظل الحقيقة الوحيدة الباقية أن محمد أنور السادات من أكثر الشخصيات مدعاة للإعجاب وللدهشة وللحيرة وللتساؤل أيضا.. كما أن ذكاءه الخارق كان وسيظل محل تقدير للجميع.